التقارير

في ذكرى إنتفاضة المحمّرة الباسلة … وفي ذكرى شهدائها الأبرار ننشر التقرير الميداني التالي الذي وثق وقائعه المناضل الفقيد، العربي السوري الناصري

في ذكرى إنتفاضة المحمّرة الباسلة … وفي ذكرى شهدائها الأبرار
ننشر التقرير الميداني التالي الذي وثق وقائعه المناضل الفقيد، العربي السوري الناصري
الدكتور عمر ابو زلام … ننشره على شكل 6 حلقات
شاهد عيان عربي سوري ناصري ميداني يسجل أحداث مجزرة المحمّرة 1979م
(القسم الأول)
موقع عربستان ـ بقلم : الدكتور عمر أبوزلام

بعد أن أرادوا تشكيل (الكميتة) [ما يسمى بـ] اللجنة الثورية في المحمرة… دخلتها لتقصي الحقائق وبقيت أتابع الأحداث حتى استيلاء الجيش الإيراني على مدينة (مهاباد) في منطقة الأكراد.

لقد راق لي أن اتصل بآية الله الخاقاني، عند ما تناقلت وكالات الأنباء انه يعارض تشكيل لجان ثورية، وقد صممت على اللقاء به لما لفت نظري منه هذه المعارضة التي كانت تعتبر وحيدة في بابها أمام ذلك التيار الثوري الذي – بطبيعته – يتعثر بحقائق راهنة ربما تجعله يوصم بالصبيانية والتعدي.

أقلني القطار “اكسبريس” إلى مدينة الأحواز، مركز محافظة [ما يسمى بـ] (خوزستان) التي تشمل عر بستان وغيرها من المناطق الأخرى وهي مدينة جميلة يشقها نهر (كارون) السياب الذي تبدو في وسطه جزر صغيرة مغطاة بالعشب، وتترامي قصور الشيخ خزعل أمير عربستان السابق الذي استولي عليه رضا خان غيلة، واحتجزه في بيت بالقرب من قصر في شمال طهران مع أهل بيته حتى استنزف ما لديه من ثروة، ثم أوعز إلى طبيبه الخاص بان يقضي عليه بواسطة “إبرة” حقنت له في ركبته، كما حدثني بذلك أحد الشيوخ الذين كانوا على صلة وثيقة بالبيت الجاسبي و”الجاسبي” لقب أسرة الأمير خزعل، الذي ينحدر من قبيلة كعب وقد تسلم الحكم بعد مقتل أخيه مزعل الذي ورثها من أبيه “جابر”.

وفي الأحواز يقطن ما يسمى بالشيخ “محمد الكرمي” الذي له دور فعّال في تحطيم إرادة العرب والذي يحظى بتأييد “الأميرال مدني” محافظ المنطقة (الحاكم العسكري لإقليم الأحواز المحتل) لمعارضته والشيخ عيسى الطرفي في عبادان، لأية الله الخاقاني الذي تجسدت فيه معاني الدفاع عن حقوق أبناء المنطقة دفاعا أدى به إلى التحطيم. والكرمي هذا الذي يبدو للوافد عليه انه قروي تطفو عليه هالة كبر، وجفاف أخلاق لأن له مقعداً في مجلس الخبراء في طهران.

والغريب في الأمر إن هذا الشيخ كان من مداحي الشاه المخلوع ولقد اطلعت على كتاب باسم “نتائج الفكر” أراني إياه بعض العرب في عبادان وفيه قصيدتان رائعتان في مدح الشاه وقد ألقيتا أمامه عند زيارته للأحواز، وليس غريبا هذا التناقض في مفهوم الثورة هنا.

فالشيخ عيسى الطرفي كان من العاملين للإنفصال (التحرير) أيام الشاه، وكان من أصحاب محيي[1]، وجماعته، وكذا الشيخ سيد شبر بن سيد عدنان في المحمرة فكان من أعضاء السافاك كما حدثني كثير من العرب والعجم هناك إذ كان يتقاضى راتبا رسميا. وهذان الرجلان يعتبران من المقربين لنظام الحكم الإسلامي الثوري (!!)، ولقد لاحظت عند دخولي المحمرة عبارة كتبت على البيت الأبيض الذي يسكنه سيد شبر من قبل الثوريين بالفارسية “كاخ سفيد” مال يزيد، ويعني “القصر الأبيض التابع ليزيد” ويقصدون بالقصر الأبيض مشابهته لقصر الشاه في طهران، ويزيد هو “يزيد بن معاوية” الذي قتل الحسين بن علي [عليه السلام]. كرم الله وجهه.

وليس في الأحواز وضواحيها من رجال الدين العرب من يؤيد الشيخ الكرمي في مسلكه وإنما هم يناصرون الشيخ الخاقاني، كما لمست ذلك عن قرب بل إنهم يتهمون الشيخ ألكرمي في مسلكه الشاذ نحو عروبته ويدعون انه قد انتحل تستر “شوشتر” الحالية. وإن أمه تركية الأصل، ولذا فهو لا يفتأ وأنْ يتهجم على العرب بقوله أنهم لا يفهمون ولا يعقلون، فمن هم ليطالبوا بحقوقهم؟ هذا ما يقولونه عنه. إن النقمة بادية من العرب على الكرمي وكما شاهدت وتابعتُ المسيرات وهي تهتف، يسقط الكرمي، يسقط الخائن الكرمي يسقط.

والكرمي هذا من بلاد الحويزة و أسرته معروفة هناك ببيت الحويزي، وأبوه الشيخ محمد طه الحويزي يتمتع بذكر حسن في بلاد الحويزة، وإذا حدثت احدهم عن الكرمي قالوا “الكرمي مو طالع على أبوه”.

كان أهل الحويزة يكرهونه، بيد أن السلطة ونفوذها جعلتهم يخضعون له، خاصة البعض القليل منهم، أما رجال الدين هناك فهم على خلاف معه.

في المحمّرة
دخلت المحمرة في أواخر ربيع الأول 1979 وذهبت تواً إلى مقر أية الله الخاقاني واسمه الشيخ محمد طاهر آل شبير الخاقاني. وهو ينحدر من سلالة علمية أدبية عريقة، فوالده وأجداده زعماء دينيون والمحمرة أكثر من غيرها من بلاد عر بستان إخضراراً إذ يقع شط العرب إلى غربها ومن الجنوب يحدها شط المحمرة ومن الشرق شط كارون ونهر بهمشير. وقرى المحمرة جميعا عربية محضة لا يعرف أكثر أهلها اللغة الفارسية على الرغم من إن الشاه المخلوع قد عمد إلى إضفاء الصبغة الفارسية على المنطقة حيث أبدل اغلب أسماء القرى والمناطق إلى أسماء ليست بعربية، فالمحمرة (خرمشهر) أي المدينة البهيجة وعبادان (آبادان) أي العمران والدورق (شادكان) أي محل الأفراح وجزيرة الصلبوخ (مينو) أي الجنة والخفاجية (سوسنكرد) أي محل السوسن والبسيتين (دشت ميشان) أي صحراء الخرفان…الخ .

في بيت الخاقاني
في شارع أبي ذر، يقع بيت الشيخ الخاقاني في مدينة المحمرة وهو الزعيم الروحي لهذه المنطقة الذي يريك زحام الناس فيها وتدفقهم إلى المسجد والمدرسة. ويعتبر بيته المجلس الرسمي له وفيه مكتبة كتب عليها (دفتر أية الله آل شبيرالخاقاني) والمكتبة عبارة عن حجرة صغيرة فيها طاولتان وصورة كبيرة جدا للخميني وأخرى لياسر عرفات وتقويم يحمل صورة الشيخ الخاقاني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى