الأدب و الشعرمقالات

عن جد من انا!!!!!! هذه الحلقة عن غضبان البنية بقلم: يوسف يعقوب الاحوازي

كان خلف ابو حالن مصرا على الاستعداد التام للجيش والاستنفار العام وكان الامير خزعل يطمئنه و يحاول ان يهدئ من روعه قائلا بأن الانجليز سوف يوفوا بوعودهم لردع رضا ميربنج وجيشه للحيلولة دون وصوله الى الاحواز ناهيك عن قتال اللر والبختياريين والقشقائيين وكذلك طوائف البهمئي ضد رضا ميربنج! ولكن لم يبدوا الامر كما هو عليه ورأيت علامات استفهام وتأمل على ملامح الامير خزعل حينما كان يتكلم عن الانجليز و وعودهم وكأنه بنفسه غير واثق منهم على الاطلاق!

 اصبح الليل اكثر عتمة ولم اسمع غير هرير الماء وصوت الضفادع في شط العرب الذي كان في غاية العمق اطراف قصر الفيلية وايضا كنت احيانا اسمع نعيق بومة تشاطر صوت الماء و الضفادع على ضفاف النهر. خلد القوم الى المنام وبقيت وحدي فأردت ان اتنشق الهواء المنعش على ضفاف النهر فسلكت طريقي من بين النخيل والجداول المائية حتى وصلت ضفاف شط العرب على مقربة من قصر الفيلية مستأنسا بجمال الليل و طراوة الاجواء من حولي فستلقيت على ظهري على الرمال انظر الى السماء والنجوم حتى ظهر القمر وعلا في وسط السماء فأضاف بهاء على هذا السحر و الجمال.

 

نهضت مرة اخرى ومشيت على محاذاة الساحل حافي الاقدام اتحسس برودة الرمال تحت رجلي محاولا جمع افكاري المتشتتة التي اتت بي الى هنا واذا بي اصادف رجلا طويل القامة مرفوع الهامة يمشي مهيبا على طول الساحل الرطب لشط العرب فأطلت النظر اليه عسى ان اعرف من هو هذا الشخص فرأيته واقف ينظر للضفة الاخرى من الشط  حيث كانت بساتين ومزارع و نخيل العراق في الجهة المقابلة للمحمرة على امتداد نهر العرب. كان الرجل واقفا يتنهد و يتنفس الصعداء و ينظر بحسرة الى تلك الجهة واذا بسلطعون خرج من الماء فصعد على ابهام الرجل و من ثم على رجله فأنبت مخالبه الصغيرة في ساقه لكي يتسلق اكثر على طبيعته ولكن الامر غاض الرجل فنكته من على رجله و رماه في الشط مترنما بهذا البيت من الابوذية:

 

گاضی الگیظ و الوریج ورگ

او رمحی بیصدور اعدای ورگ

الکوسج یله من العگروگ ورگ

وابوینیب…… ايعيل بيه

 

لم اعرف مغزی هذه الابيات غير اني ادركت انه مستاء من شئ وحرزت ما هو هذا الشئ لأني بعد التدقيق عرفت الرجل! انه كان الشيخ غضبان من اكثر مشايخ بني لام قاطبة قدرا وهيبة في الاحواز والعراق  وكان يلقب بقاهر الانجليز لضرباته في معارك الكر والفر في شمال الاحواز والعمارة في العراق حينما ثارت العشائر العربية ضد الاحتلال البريطاني. تلك الحروب الحقت خسائر فادحة بالقوات البريطانية في الحرب العالمية الاولى نصرة للدولة العثمانية غير ان مساعيه لم تكلل بالنجاح بما انه في النهاية الدولة العثمانية خسرت الحرب واضطر الشيخ غضبان ان يفر من قبضة الجيش الانجليزي الى شمال الاحواز الذي لم يكن خاضعا للسطة الانجليزية آنذاك و من ثم يحل ضيفا عند الشيخ خزعل فأكرمه الامير خزعل واستقبله بحفاوة رغم ان في الماضي كان هناك بينهم حروب ولكن ذلك لم يمنع امير المحمرة من ان يشفع له عند الانجليز ويستقبله في قصره في المحمرة فيكون ضيفا عزيزا عليه.

 

كان الشيخ غضبان مصوتا له بالشجاعة والبسالة وكان يكنى بأبو عبدالكريم وكانت عشائر بني لام قاطبة تبجله و تحترمه حتى زعم البعض انه اكثر مشايخ بني لام قدرة ومكانة على مر التأريخ وكان له صيت شائع في كل انحاء الاحواز والعراق حتى قال في حقه الشاعر بعد ان طلب بثأره من احدى القبائل التي اعتدت عليه هذا البيت:

 

قام ابواكريم لعد سيفه شهر

اوما بطى من عتبته مدة شهر

من عرج موصل البندر بوشهر

شي تهاب او شي تري الغانمات

 

وهذا خير دليل على ان عشائر بني لام المنتشرة في ارجاء العراق و الاحواز كلها كانت تكن له بالولاء والطاعة.

 

يتبع….

يوسف يعقوب الاحوازي

2017/1/1

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى