مقالات

المعركة مع إيران أمنية وسياسية وإعلامية بقلم: د.حمد بن عبدالله اللحيدان

عندما يحتدم النزاع بين طرفين او اكثر ويوجد طرف ثالث او اكثر يصطاد في الماء العكر فإن ذلك الطرف الثالث يعمل كل ما في وسعه من اجل زيادة شقة وحدّة الخلاف وايصالها الى نقطة اللاعودة بحيث يصبح كل طرف لا يقبل من الطرف الاخر وذلك يتم من خلال عمله كصديق ناصح بينما هو عدو لدود يعمل على خلط الاوراق ودس السم بالدسم.

وهذا يعني ان الطرف المحرض يدعم توجه كل من الطرفين الى مزيد من التشدد وذلك املا في وصول الطرفين الى المواجهة خصوصا اذا كان ذلك يصب في مصلحته المباشرة اقتصاديا او عسكريا او امنيا او لمجرد الحقد والحسد والضغينة لانه بذلك يقضي على عدو ظل هو يتربص به ويتحين الدوائر فيه وهو بهذا الفعل كأنه يتخلص من عدوه بيد غيره.

ليس هذا وحسب بل ان بعض اطراف النزاع نفسها تبحث عن الاسباب والمبررات التي تمكنها من ايجاد مبرر لاستهداف الطرف الاخر نتيجة زيادة شقة الخلاف معه ولذلك فهو يتحين الفرص لفعل ذلك واذا لم توجد المبررات المؤاتية تم افتعالها من خلال مخابراته او عملائه واذنابه ومن يدور في فلكه. وافتعال المبررات من اجل تبرير الاستهداف قديمة قدم التاريخ الا انها في الوقت الحاضر تحظى بالتغطية الاعلامية واللوجستية غير النزيهة والتي اصبحت تمارس بفحش لم يسبق له مثيل.

 

واذا اخذنا عدم الاستقرار الذي تمر به منطقتنا العربية نجد ان ايران هي السوس الذي ينخر فيها وهي سبب اشتعال الحرائق الملتهبة في كل الانحاء وفي المقابل نجد ان المملكة هي البلسم والطرف الذي يعمل كل ما في وسعه لاخماد تلك الحرائق كما نجد طرفا ثالثا بل ربما اطرافا تعمل قصارى جهدها من اجل احتدام تلك المشكلات التي لم يعد يدارى عليها ذلك ان ايران قد كشرت عن انيابها الطائفية واخذت تسعى في السر والعلن لالحاق الاذى بالمملكة خاصة ودول الخليج عامة بعد ان اجهزت على كل من العراق وسورية وتسببت فيما هو حاصل في اليمن.

 

نعم التوحش الايراني الذي أثارته عبر اجندتها الطائفية في كل من العراق واليمن وسورية وسعيها للتخريب ونشر عدم الاستقرار في البحرين والكويت والمملكة واحتلالها للجزر الاماراتية ليس بخاف على احد.

 

ليس هذا فحسب بل انها تحاربنا على ثلاث جبهات امنية وسياسية وعسكرية فهي تسعى الى تشويه سمعة المملكة وما تقدمه من خدمات للحجيج والعناية الفائقة بالحرمين الشريفين وتوسعتهما ناهيك عن استغلال ايران كل الحوادث سياسيا واعلاميا بما في ذلك تلك التي تقع قضاءً وقدراً ناهيك عن انها تقف وراء كثير من الحوادث المدبرة والتي ربما يكون منها حادث التدافع الذي وقع في مشعر منى في حج هذا العام.

 

وبما ان المملكة متوازنة ومتعقلة في حراكها ولا تطلق الاتهامات جزافاً ولا تستبق نتائج التحقيق في توجيه الاتهام او اللوم فإننا في هذا المقال ايضا لا نريد ان نستبق الاحداث بقدر ما نرغب في ان نشير الى اهمية تحويل اي حدث مأساوي يثبت تورط طرف آخر فيه عن سبق اصرار وترصد من كارثة الى عقاب لمن تسبب فيه وذلك من خلال نشر غسيله وافعاله المشينة على امة الثقلين من خلال حراك سياسي دائب واعلام فاعل يخاطب الرأي العام لدى الجهة المحرضة بصورة خاصة والرأي العام العربي والاسلامي والعالمي بصورة عامة فالمعركة الاعلامية والسياسية لا تقل اهمية عن المواجهة العسكرية بل هي من يستطيع حسم المعركة من خلال تجييش الشعوب المغلوبة على امرها مثل الشعب الايراني ضد نظامه الباغي.

 

وهنا لا نريد ان نستبق نتائج التحقيق فيما حدث في منى ولكن لا بأس من ان نلقي الضوء على ما يمكن ان يتم لو ثبت تورط ايران من خلال اعترافات من تم ايقافهم المدعومة بالادلة الجنائية والوقائع والشهود وغيرها وذلك لان ايران سبق ووقفت خلف احداث مشابهة مشينة كثيرة ارتكبت في مكة المكرمة والمدينة المنورة بحق الحجاج والعمار وانتهاك حرمة المقدسات.

 

نعم من حق المملكة السيادي والامني على ارضها وحقها ومسؤوليتها في حماية ارواح الحجاج وحقها قبل ذلك وبعده في حماية المشاعر المقدسة والحرمين الشريفين وحقها في المحافظة على امنها واستقرارها وسمعتها ومكانتها ان توقع اشد انواع العقاب على من تتم ادانته دون ان تأخذها في ذلك لومة لائم الا ان ذلك العقاب يجب الا ينفذ فورا بل لابد من اعطائه الوقت الكافي لاستخدامه وسيلة لفضح تلك الممارسات بالصوت والصورة امام جميع شعوب الارض وحكوماتها وفي منتديات الامم المتحدة وعلى مدار مدة زمنية طويلة حتى لو اقتضى الامر طرح ذلك ضمن مداولات مؤتمرات القمة العربية والاسلامية والعالمية بصورة متكررة ودعم ذلك بوفود برلمانية تجوب العالم وتبرز جرائم ايران السابقة واللاحقة بالادلة والبراهين الداحضة لذلك النظام بحيث يصبح فضح جرائمه متكاملا ضمن ملف او ملفات مدعومة بعاصفة سياسية واعلامية لا تبقي ولا تذر لأي مجال للاعلام المدافع عن الجريمة أن يلتقط انفاسه وذلك ضمن استراتيجية كسب ولاء الرأي العام المحلي والاقليمي والعالمي وايضاح الحقيقة امام الشعب الايراني المغلوب على امره وعدم ترك ايران تخوض تلك الحرب الاعلامية والسياسية ضدنا دون رد اعلى صوتا واكبر اثرا.

 

ان تنفيذ العقوبة بصورة فورية سوف يعطي فرصة لتلاشي اثره وبالتالي يعطي الطرف الاخر فرصة للادعاء بغير الحقيقة واستخدام ايقاع العقوبة كوسيلة لمزيد من التصعيد من ناحية، كما ان ذلك الاسلوب يؤدي الى نسيان القضية مع مرور الوقت وبما ان الرأي العام في كل مكان وزمان يشكله الاعلام الاعلى صوتا والاقل حياءا والاكثر تغطية والاوسع انتشارا فان مجابهة ذلك النوع من الاعلام يجب ان يتم من خلال اعلام فاعل يتمتع بأنه اوسع نطاقاً واكثر مصداقية واوضح شفافية واقدر على تقديم الحقائق ناصعة وجلية على ان يتولى ذلك اكفاء قادرين على ايصال كل ذلك الى الرأي العام من خلال صنع اعلام مؤثر ومنتشر ومهني وموثوق لان مثل ذلك الاعلام سوف يحيد الاعلام المأجور ويحد من سطوته التي يتمتع بها بسبب غياب الاعلام النزيه المضاد.

 

اما الكارثة وقد حصلت وكنا نتمنى الا تحصل فيجب علينا ان نحول مسارها بحيث تفضح الفاعل والمدبر على كل المستويات الشعبية المحلية والاقليمية والدولية وعلى وجه الخصوص شعب تلك الدولة المارقة من خلال اقناعه بضلوع حكامه بالجرم المشهود وهذا لا يتأتى الا من خلال اعلام موجه الى شعب ايران وينطق بلسانه ويعمل على توعيته بحقوقه المنتهكة وامواله المبذرة ويناشده ان يعمل على رفع الظلم عن نفسه.

 

ذلك ان ثروات الشعب الايراني تستنزف وتبدد وتضيع من خلال الصرف على المغامرات العسكرية والاستخباراتية ودعم المنظمات المارقة هنا وهناك من اجل تقويض الامن والاستقرار في الدول المجاورة لايران وذلك على حساب ضروريات الشعب الايراني وعلى حساب امن واستقرار الشعوب المجاورة.

 

ان افضل من يوقف نظام الملالي في طهران عند حده ويضع نهاية لاستهتاره هو الشعب الايراني الابي. والشعب الايراني يحتاج الى من يناصره ويسانده وينير له الطريق في نضاله المشروع من خلال دعم المنظمات المعارضة لنظام ولاية الفقيه ودعم الاقليات المسحوقة والمناداة بحقوق شعوب الاقاليم المحتلة من قبل ايران مثل اقليم الاحواز العربية والجزر الاماراتية وغيرها من الاقاليم.

 

وكل واحدة من تلك المنظمات والاقاليم المعارضة تحتاج الى فضائية اعلامية توصل صوتها الى اتباعها والى شعوب العالم من اجل رفع الظلم عنها. وهذه المؤازرة عمل مشروع عكس ما تفعله ايران في المنطقة العربية بصورة غير مشروعة حيث تقوم بدعم مئات المحطات الفضائية الناطقة بالعربية بغياً وعدواناً وذلك من اجل غرس وتغذية الطائفية والانقسام داخل المنطقة العربية املا في احتراقها من خلال الاقتتال اليس هذا ما يحدث في العراق وسورية واليمن؟

 

نعم ان سحب البساط من تحت اقدام ايران وأذنابها ومواجهتها اعلاميا وسياسيا واقتصاديا وبكل الوسائل والمنابر والمناسبات بصورة يجعلها اليد السفلى في تلك المجالات لا يقل اهمية عن مواجهتها امنيا وعسكريا بل ان الاولى قد تضمن عدم حدوث الثانية وتفضي الى هزيمتها دون قتال “وكفى الله المؤمنين القتال”.

 

ان جرائم ايران في مواسم الحج عديدة وموثقة لكنها تصبح في طي النسيان اذا لم يتم التذكير بها بصورة متكررة وعلى رؤوس الاشهاد. واذا ثبت تورط ايران في كارثة تدافع الحجاج في منى في موسم حج هذا العام فلا بد ان يتم استثمارها وان يتم تحويل الكارثة الى عقاب ووصمة عار تلتصق بالفاعل والمدبر على مر العصور على غرار ما التصق بالقرامطة الذين قتلوا الاف الحجاج في يوم التروية وسرقوا الحجر الاسود واحتفظوا به لمدة 22 عاما، وذلك حتى نجعل التاريخ شاهدا على كل ما فعلته وتفعله ايران بالمقدسات الاسلامية وهذا التوثيق يجب ان يتم من خلال عدة فعاليات منها:

 

– التقدم لمجلس الامن بجميع الاثباتات والبراهين والاعترافات وطلب اصدار قرار يلزم ايران بدفع التعويضات المادية والمعنوية والبشرية وهذا يعتبر جزءا من التوثيق بالاضافة الى كشف دورها التخريبي في المنطقة وتحملها نتائج افعالها.

 

– التقدم للجمعية العامة للامم المتحدة وطلب توثيق الممارسات الايرانية المشينة على المستوى الاقليمي والدولي.

 

– التقدم لمنظمات حقوق الانسان وطلب مناقشة ممارسات ايران العبثية في المقدسات الاسلامية والممارسات التي طالت حقوق الانسان داخل ايران وخارجها.

 

– دعوة الوفود البرلمانية من الدول الفاعلة وارسال وفود رسمية تلقي الضوء على ما تقوم به ايران من ممارسات سلبية على كافة المستويات واستعمال كل المناسبات لفضح نظام ولاية الفقيه هناك.

 

– انشاء محطات فضائية واذاعية عديدة تنطق بلسان كافة طوائف الشعب الايراني المغلوب على امره وتوعيته بحقوقه واهمية المطالبة بها وكشف ممارسات النظام الايراني وتبذيره لثرواته واهمية التخلص من ذلك الظلم البواح.

 

وذلك اسوة بما تفعله ايران ضد المملكة ودول الخليج حيث انها دعمت وتدعم انشاء عشرات المحطات الطائفية التي تبث الكراهية والحقد والانقسام داخل الشعوب العربية وبما يخدم اجندتها التي تتمثل في تصدير ولاية الفقيه التي تصر وتركز على ان تكون طهران مركز الثقل السياسي، وقم مركز الثقل الديني بدل مكة المكرمة والمدينة المنورة. وهما عنصران اساسيان للهجمة الايرانية على المنطقة.

 

ان تطبيق العقاب لاي جرم مرتكب بصورة مستعجلة يدفن القضية وتصبح في دائرة النسيان خلال فترة زمنية قصيرة ويعطي مبررا للطرف الاخر لمزيد من التصعيد. اما إبقاء العقاب معلقا والعمل على جعله شوكة في حلق من دبر الحادث ووقف خلفه لفترة زمنية طويلة فهو الاسلوب الانجع للرد على تلك الممارسات.

 

نعم المعركة مع النظام الايراني تشمل ثلاث معارك متوازية سياسية وامنية واعلامية واذا كنا اليوم نخوض المعركة الامنية والسياسية بكل اقتدار فإن علينا ان نعزز ذلك بمعركة حزم اعلامية فاعلة ذات ثلاثة محاور الاول محلي عربي والثاني خارجي موجه الى الشعوب الايرانية والثالث عالمي موجه الى كافة شعوب الارض وحكوماتها وبالطبع كل المحاور الثلاثة يجب ان تضرب على وتر محاربة الارهاب ودعم الامن والسلم العالمي والعدل والانصاف وعدم تدخل اي طرف كائن من كان في شؤون الاخرين مع بيان دور النظام الايراني المارق في الارهاب والتخريب من خلال الوقائع والادلة والاثباتات والاحصائيات على مدار ال 35 عاماً المنصرمة. والله المستعان •

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى