عن جد !!!! يوسف يعقوب الأحوازيمقالات

عن جد (174) !!!!! من انا؟! يوسف يعقوب الاحوازي

 

كنت مشتاقا لكي ادري ماذا يفكر به الامير خزعل و ادخل الى مكنونات ضميره واعرف بماذا يشعر ولكن كان من الصعب ان تعرف من حركاته وسكناته عن ما يدور في خلده لأنه كتوم و حذر و ذكي للغاية و كان يحسب له الف حساب في منطقة الخليج العربي برمته ولربما الشرق الاوسط بكامله ولكن كانت هناك لعبة اخرى تدور وصراعات خلف الكواليس مابين القوى العظمى تحد من قدرات الرجل و تجعل مصيره و مصير الاحواز برمته رهن الكثير من الامور خارج عن ارادته وسيطرته!

 

راجعت افكاري مرة ثانية و اردت ان ادرس الوضع الشرق الاوسطي من جديد ورجعت الى سنة 1914 حيث اشتعلت الحرب العالمية الاولى بين المانية و العثمانيين من جانب و باقي اروبا وروسيا من جانب اخر و حصدت ارواح الملايين وكانت انذاك الدولة القاجارية بالفعل وحسب اتفاقية سنت بترزبورك بين الانجليز و الروس سنة 1907 مملكة القاجار تنقسم الى شطرين فالقسم الشمالي كان من نصيب الروس و القسم الجنوبي من نصيب الانجليز ولم يكن هناك دولة تسمى ايران و لاسلطة ولا جيش بل كان قوام القزاق قبل مجئ رضا خان 7000 جندي نظمتهم روسيا لكي يكونوا حامية للملك القاجاري فحسب!

في حين ان الامير خزعل في الاحواز كانت له ولاية مستقلة بأعتراف ملك القاجار بنفسه و كانت الانجليز ايضا تعترف بذلك و كانت لهم قنصليتهم في المحمره و كانوا يعقدون اتفاقيات تجارية و اقتصادية و سياسية مع الشيخ خزعل و كانوا يعولون عليه في مشاكلهم بالخليج كثيرا حيث كانوا يروا فيه القيادة والريادة والهمة الكافية لكي يغير مجرى الامور وكانت العرب تحسب له الف حساب في منطقة الخليج وبين مشايخها، ولكن كل هذه السمات والصفات لم تكن بصالح الامير خزعل بل كانت ضده بالواقع لأن الانجليز يخشون الرجل القوي والغير تابع!

 

كان الامر ليس بالسهل للأنجليز لكي يتقبلوا الاحواز دولة مستقلة لأنهم كانوا بحاجة الى امراء تابعين فحسب و لا يريدونهم اقوياء بحيث يمكن ان يكون لهم رأي اخر في يوم ما غير رأي الانجليز! لم يكن الشيخ خزعل من ذلك النمط السهل للانقياد بل كان الامير خزعل رغم علاقته الودية ببريطانيا لم يكن يوما ما عميلا لهم ونرى ذلك في قضية الشيخ غضبان البنية حينما طاردته الانجليز (بسبب حربه ضدهم في العراق)  و اواه الشيخ خزعل منهم و عارضهم على نفيه للهند و كذلك حينما ارادوا منه ان يتماشى مع رضا خان ويسانده لبسط قدرته و خلع احمد شاه القاجار من السلطنة لم يكن الشيخ خزعل من الموافقين لهذا المشروع لأنه كان على علم بأن رضا خان ليس جديرا بالثقة لكي يمنح تراث القاجار!

 

لهذه الاسباب و غيرها حينما رشح الامير خزعل لعرش العراق كان بأمكان البريطانيين ان يجعلوه ملكا للعراق والاحواز و لكن خافوا من شوكته و قدرته و لم يأمنوا ان يساندوه لأنه و برايهم غير قابل للانقياد والتبعية! ولذلك فضلت الانجليز ان يكون رضا خان هو اللاعب الاساسي في المنطقة اولا لانها كانت واثقة من انقياده التام للدولة البريطانية و عمالته و ثانيا لضمان ان تبقى بلاد فارس ضيعة من ضياعهم و لا تسقط في احضان الروس حقدا على الانجليز لو ساندوا الامير خزعل في بناء الدولة المستقلة الاحوازية التي طالما هم كانوا ينظرون لها بنظر الطمع و الاستهداف!

 

 من ناحية اخرى كان على بريطانيا العظمى ان تحشد ماتتمكن من قوة ضد التمدد السوفيتي خاصة بعد ما اتت الثورة البلشسفية بشعاراتها الخاصة المعادية للغرب والامبريالية في اكتبر 1917 و اصبحت جميع المعاهدات السابقة و من ضمنها معاهدة سنت بترزبورك في 1907 في مهب الريح فكان على الانجليز ان يبنوا جدارا قويا و حاجزا بينهم وبين الروس لضمان تدفق النفط من الاحواز و منطقة الخليج الى البريطانيين ويضمن في نفس الوقت سيطرتهم على بلاد فارس، لذلك جهز الجنرال الانجليزي” ايرون سايد”  العدة لرضا خان وبعد انقلاب عسكري بتاريخ 22 فبراير 1922 ان يصبح وزيرا للحرب ثم بتأريخ 25 اكتبر1923 رئيس للوزراء (و اخيرا بتأريخ 30 اكتبر1925 ملكا لأيران بعد خلع احمد شاه القاجار من السلطنة و اعطائها لرضا خان في مسرحية دبر لها عملاء و جواسيس بريطانيا في مجلس الشورى الايراني و بضعة شهور فقط من اسر الامير خزعل و نقله الى طهران).

 

فلو امعنا النظر كان على البريطانيين ان يختاروا بين الامرين، اما ان يظاهروا الامير خزعل و ان يساندوه في الاستقلال ففي هذه الحالة كان من الممكن ان يخسروا بلاد فارس و ان يلتجئ الفرس الى الروس الذين هم في الجوار مستعدين لاي تدخل او ان يضحوا بالامير خزعل ويحتفظوا ببلاد فارس و الاحواز معا لصالحهم و هذا هو المعقول الذي كانوا بصدد فعله و كان الامير خزعل واعيا بذلك حتما ولكن لا اعرف ماذا خطته و بم يستند في استراتيجيته!

 

كان البريطانيوون على عجل لكي يسدوا الثغرات امام الجيش السوفيتي و ينظموا صفوفهم بغية الحيلولة دون تمدد الجيش الروسي و وصوله الى المياه الدافئة حيث استطاع الروس و بعد تقهقهر الدولة القاجارية ان يضموا ازربايجان الى دولتهم و استطاعوا ان يتسللوا في طبرستان في الشمال و كانت جحافلهم قريبة من طهران لولا تدخل الحكومة البريطانية و انذارهم على ان لا يقتربوا من طهران العاصمة و يخرجوا من جيلان و مازندران و من ثم ارسال رضا خان مدعوم من الطيران الحربي الانجليزي للقضاء على ثوار تلك المنطقة بقيادة الميرزا كوجك خان و اجبارهم على الخروج من المدن و اللجوء الى الغابات الشاسعة في الشمال و الاحتماء بها. كان ميرزا كوجك خان زعيما محليا و كان محبوبا فيما بين شعبه ولكن جيش رضا خان كان يطارده في كل مكان وفي النهاية قضوا عليه و جزوا رأسه في الغابات بتاريخ الاول من دسامبر 1921!

 

كان السوفيت يعلم ان بريطانيا هي التي تحكم ايران و ان الدولة القاجارية انتهت و بريطانيا تريد رضا بهلوي على ان يكون ملك على التراث القاجاري و كانت تعرف ان الاقتراب اكثر من طهران يعني الدخول في حرب مباشرة مع الانجليز حلفائهم السابقين للقضاء على الامبراطورية العثمانية و هم لم يكونوا بحالة تسمح لهم بالحرب مع الانكليز ان ذاك حيث كان يصعب عليهم تمويل الحرب و لذلك انصرف الروس من شمال ايران و لكن احتفظوا بأذربايجان الشمالية و ضموها الى اراضيهم و كان في نفس الوقت لهم عين على التطورات في الجنوب و كانوا يريدون علاقات ودية و قريبة مع الامير خزعل و قد سبق و زار القنصل الروسي في فارس، المحمرة و هذا اعطى فرصة للأمير خزعل ان يكون له خيارات ثانية في تفادي خطورة رضا خان الذي يتمترس جيشه قرب التميمية و جاهز للأنقضاض على الاحواز ولكن يا ترى هل هذا يخفى عن الانجليز ؟!….

 

يتبع

 

23/04/217                                                                                                      يوسف يعقوب الاحوازي

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى