مقالات

حين تشتعل إيران! بقلم: عبدالعزيز اليوسف

نعم.. حين تشتعل إيران من الداخل ستنطفئ الفتن في خارجها بإذن الله.. وحين تٌجن إيران في باطنها سوف يتعقل ظاهرها كثيرا.. وحين تثار في عمقها سوف يهدأ سطحها..

ما تشهده إيران من حراك شعبي في أراض مختلفة حتى وإن كان محدودا إلا أن بدء حراك كهذا في دولة مقفلة سياسيا وإعلاميا، واقتصاديا، وثقافيا سوف يكون له أثر بالغ، وتأثير عميق على سير العمليات السياسي للإدارة الإيرانية الفوضوية، ونتوقع إن كان هناك رشد- مع شكي في ذلك- أنه ستتغير معطيات العقل الإيراني إلى اتجاهات جديدة تمثل مفاجآت هي جديدة أيضا خصوصا في ظل تعاقب سلسلة من الأحداث السياسية والدبلوماسية والأمنية التي صدمت إيران وآلتها السياسية والإعلامية.

 

الأكراد، والبلوش، والأحواز هم مكونات من مكونات إيران الحالية ولكنهم ليسوا مكونات من أراضيها لان الاحتلال الإيراني قبض على هذه الأراضي على اختلاف أعراقها، ولغاتها، وسماتها الاجتماعية والعقائدية.. فحتى الشيعة والأحواز وغيرهم من غير الفرس هم يصنّفون كمكون متدني الدرجة، وكفئة مهملة لا قيمة لها لا تماثل قيمة الفارسي في طهران..

 

لذا فإحساس هؤلاء وهم حين يجتمعون في حراك موجّه يشكلون أكثرية كبيرة تصل إلى أكثر من نصف إيران ذاتها.. ولأجل ذلك كانت وستكون ردة فعل طهران على مثل هذا الحراك، وستكون نتائجه السلبية على إيران أشد وأكثر مرارة من أي ثورة عربية فتوقع الكثير من قسوة الرد، وعنف التعامل المعتاد من طهران.

 

إن نماذج الثورات العربية هي نماذج اطّلعت عليها إيران بل أقحمت نفسها وتدخلت لمحاولة كسب مساحات تصدر من خلالها ثورتها المزعومة، ومحاولة زرع بؤر وأذناب وأذرع لها في أي بلد عربي حدث فيه مثل هذا الحراك. وحتى الشواهد اثبتت أن إيران ليست بعيدة عن أي فتنة، أو قلائل تحدث هنا، أو هناك في دول كثيرة بأقصى الأرض، أو أدناها.. كما أثبتت الشواهد السياسية وكشفت محاولات إيران للتدخل، والاستحواذ في دول لم يحدث فيها أي ثورات، أو تحركات بل وصل الأمر إلى أنها حركت عملاء لها لبثّ الفساد وتخريب الأمن.

 

واليوم إيران تشرب من الكأس الذي حاولت ان تسقيه دولا مجاورة.. وشهدنا خلال ثلاثة أشهر مضت عددا من التحركات في مناطق الأحواز أو البلوش وما قام به جيش «العدل» وكذلك مناطق الأكراد وذلك براهين على أن التخاطر السياسي فيما بين تلك الفئات الثلاث.. بلوش، وأحواز، وأكراد أوصلتهم إلى أن هناك هدفا واحدا يمكن الاشتراك فيه وهو تحرير مناطقهم وأنفسهم من تبعية طهران المؤذية والتي تجلت في عزلهم تنمويا وسياسيا واجتماعيا عن فرس طهران، وكذلك من خلال العنف ضد حراكهم المتكرر..

 

انشغال إيران سياسيا وتركيز ردود أفعالها على إفرازات الأحداث السياسية والعسكرية في اليمن وفي سوريا وحول ملفها النووي وخيبة مساعيها في الوصول إلى مناطق لتصدير ثورتها وانسحاب دول من قفص أحلامها الفارسية كل ذلك يجعل الحدث الجديد المتكرر وهو ثورة الأكراد والأحواز والبلوش حدثا صادما بقوة، فإيران الآن تتخبط بين داخلها وخارجها.. وستكون عنيفة في كل شيء وهذا ما سيجعلها بحول الله تسقط بقدر عنفها..

 

كما أن نتائج مثل هذا الحراك والثورة ضد نظام طهران سيكون له أثر في كف إيران عن الخارج ولو قليلا للالتفات إلى الداخل وهذا ما سيزيد العنف أيضا.. إلا ان تكرر مثل هذا الحراك سيؤتي أكله ولو بعد حين لأن العدوى الشعبية ستكون أسرع بكثير من أي عدوى فالمواطن الإيراني حتى الفارسي الذي وجد تصنيفا وحظوة أرقى سيفكر من منطلق البؤس الذي يعيشه في بلاده مع أن حكومته تنفق على ثورتها الخائبة من جيبه.. فتغني أذنابها وتفقر شعبها، وتجوع مواطنيها ليشبع مواطنون في دول أخرى..

 

ختام القول: النتائج قد لا تكون سريعة لكن تكرار الحراك الشعبي ضد طهران مؤشر إلى أن واقعا جديدا سيحدث في الأفق بإذن الله واقعا سيصنع إيران أخرى بشكل وملامح مختلفة تماما.. الكل، اليوم أو غدا، ينتظرون المواطن في طهران لينتفض بعدها، وما يحتاجونه هو الآلة الإعلامية التي حجبتها طهران عنهم.. حينها ستكون إيران سريعة الاشتعال..

 

نقلا عن ((اليوم))

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى