عن جد !!!! يوسف يعقوب الأحوازي

من انا ؟…………(4) بقلم: يوسف يعقوب الاحوازي

اصابني غثيان مما رأيت و سمعت فخرجت مستاء من المنشئة استنشق الهواء الطلق و اريح اعصابي من هذا العمل غير المنصف مع ارزاق الاحوازيين. صفنت مع نفسي لوهلة ثم حاولت تناسي كل شئ فملئت صدري من الرياح الباردة التي تناغم وجهي وعدت افكر ماذا عساي ان افعل محاولا ايجاد اجوبة لما يحيرني في الملكوت او ارشادا لباقي الطريق الذي لازلت في منتصفه ابحث عن ذاتي لكي اثبت لنفسي من انا و اتفقد جذوري حتى اجدد الميثاق بها و اذا بهاتف في ضميري يصيح بي لاتقف عند حدك و اصعد لأنك لازلت في منتصف الطريق !

فصعدت متلهفا قاصدا جذوري المزرعاوية المنصورية حتى وصلت الى جبل من نور ساطع يتلاءلاء في السماء فدنوت منه واذا بالحارس العملاق مرة ثالثة يظهر امامي فتفاديته غير ابه به فصاح علي بامكاني ايقافك اذا لزم الامر فلا تغتر بأفكارك لأنها ايضا قابلة للتطويق و التحجيم فعندئذ لا تسطيع الخروج و الطيران! فرجعت عليه بطمئنينة قائلا انا اعرف قدري واعلم ان الله على كل شئ قدير وانت ليس الا مأمور فمتى شاء الله ان يوقفني فأني مسلم امري الى الله فدعني اشبع فضولي و لا تذكرني بقوتك على ايقافي !

 

تركت الحارس بعد تلك الكلمات و رحت اتجول في انحاء الجبل و اتفقد وديانه الخضراء المليئة بالانهار و الاشجار المثمرة التي كانت في غاية الروعة والجمال حتى رأيت جمعا من الناس لهم اجسام كالماء شفافة للغاية حيث بأمكانك ان ترى ما في ورائها و هي كاملة الاتزان و الحركة يتحدثون باللغة العربية جالسين في فناء الاشجار فتوجهت اليهم قائلا هل لي ان اسئلكم من انتم؟!

 

فأجابني احدهم بأستغراب نحن عباد الله المومنين! فقلت له و هل هذه الجنة التي وعد المتقون بها؟ فقال لي لا و انما هي جنة البرزخ و نحن ننتظر هنا حتى تقوم الساعة فسئلته ثالثة و اين يمكن ان اجد امواتي يا ترى؟ لأني تواق لكي ارى اجدادي واحدا واحدا حتى اصل الى ابي ” ادم ” عليه السلام لكي اسئله بعض الاسئلة، فأجابني نفس الشخص لا اعلم كيف تجد اجدادك كلهم و لكن ابينا ادم في قمة الجبل يسكن مع امنا ” حواء ” مع ذلك لربما يرشدك من يقف خلفك واشار باصبعه ورائي فالتفت و وجدت نفس الحارس العملاق ورائي فقلت له في البداهة دعنا نكن اصحاب و خذني الى حيث يسكن ابائي و اجدادي حتى اسلم عليهم فضحك مبتسما و قال اراك اصبحت اكثر ليونة من الماضي! فقلت له، لاتظن لأن حاجتي عندك اصبحت لينا و انما اردت ان اكون رفيقا ملائما معاك واني اعلم ان ربي الكريم جعلك لا تفارقني كل المسير حتى لا اواجه متاعب او اعجز عن متابعة المسير! فضحك و قال كأنك تقرأ ما خلف السطور دائما ! فقلت له لو لا هذا لما كنت هنا في عالم الملكوت فارشدني رحمك الله الى محل مكوث اجدادي فقال و هل تعرفهم فقلت ان ابي اعطاني اسمائهم فحفظت البعض و نسيت البعض! فقال الملك اعطني نسبك بالتسلسل، فأعطيته نسبي كالتالي:

 

يوسف بن يعقوب بن جراح بن زياره بن صندل بن زاير بن زوير بن زليزل بن حصموت بن فري الله بن حامد بن اعطية ثم توقفت، فقال لي وهل تتذكر اكثر فقلت لا ! فقال هذا يكفي و اخذ بيدي واذا بوهلة و نحن في مجموعة من الناس عرفت منهم اجدادي “الحاج جراح ” و “الحاج احمد” فورا فرحت و تعلقت بهم بلا ارادة و اجهشت بالبكاء فسئلوني ماذا بك يا بني لا تبكي، فقلت لهم مكفكفا دموعي تركتموني طفلا ولاكني لازلت اتذكركم و اعرفكم حق المعرفة فقالوا لي و كيف ذاك فقلت لهم من اثار السجود في جباهكم التي لازالت اثارها موجودة اراها حتى الان !

 

جلست معهم في فناء شجرة سدر كبيرة يكاد يصل طولها الى قلب السماء لها قصون كبيرة وتحمل تيحا كثيرا يتدلى على رئوسنا فتذكرت شجرة السدر الكبيرة في بيتنا حينما كنت صغيرا في ” قرية النفاشة ” و كان جدي الحاج جراح يمنعنا ان نرمي عليها الحجارة لأسقاط الثمار حتى لا نجرح الشجرة ونكسر اغصانها ثم نظرت على الناس من حولي و اذا بشاب مبتسم يجلس قريبا عن جدي حاج جراح، ينظرلي بشغف وهو كثيرالشباهة به فتكهنت انه جدي ازياره وسئلت عنه فأجابوني نعم انه هو وكذلك عرفت جدي صندل من هامته الكبيرة و جسمه الضخم كما وصفوه لي فسلمت على كلاهما و اجابوني بأبتسامة فرحت احاورهم حتى نسيت لوهلة انني من عالم اخر وهم كانوا لطفاء معي وسئلوني عن  اهلنا في الاحواز المحتلة فأجبتهم بما اعلم و شكوت لهم من ظلم الاحتلال الايراني فأجابني جدي زيارة و الذي كان احد ضباط جيش الشيخ خزعل في زمانه، نعم يا بني اني اتذكر يوم النكبة و كيف تم خداع الامير و اسره و اني كنت احد المقربين اليه و طلبت منه انا وبعض قادة الجيش قبلها ان لا يثق بالايرانيين ولكنه حصل ما حصل….

 

اخذتني حلاوة المجالسة ونسيت اني مسافر يريد ان يرى من اين اتي ! حتى لمحت فتاة ما بين الاشجار تتخطى بروية و هي مرفوعة الرأس تمشي كالخيال و كأنما رجليها لم تطئ الارض فنسيت مجلسي و شبحت فيها حتي غابت عن ناظري في ما بين الاشجار….

 

يوسف يعقوب الاحوازي

31/05/2015  

[email protected]

    

  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى