عن جد !!!! يوسف يعقوب الأحوازي

من انا؟!……(8) بقلم: يوسف يعقوب الاحوازي

عن جد!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

نزلت بشغف على البلاط الملكي في حضرة ” سوسيناك الاول ” ملك مملكة عيلام ومؤسس الامبراطورية العيلامية ! كان الوزراء و الامراء مصطفين و كان الملك قائما حتى جلس وامرهم بالجلوس ومن ثم بداء بكلام رزين:

يا وجوه و امراء ” هَلتَمتي ” (الامبراطورية العيلامية)، لا يظلمن احدا في ملكي و سلطنتي! انا من يقتص للمظلوم من الظالم فلا يخشى المظلوم من رفع الدعوى اليَ ضد كل ظالم! انا موحد ” انشان ” و ” سوسا ” و انا مشيد الامبراطورية العيلامية فلا يجرئ احدا منكم على المساس برعيتي فأنهم تحت حمايتي و انا تحت حماية الرب !

 

ثم قام امير ”  منطقة خودميري ” (لارستان) بالكلام وتحية الملك ومن بعده جاء امير ” ايابير” ( ايذج) و من ثم ملك  ” هورادي ” (مدينة عيلام الحالية) ثم بعده امراء ” زابدانو ” و ” ارابی ” (موسیان و مهران) تلاهم امراء ” هيا اوسي و كاتودو ” (الحويزه و الحميدية) وبعدهم امراء باقي مناطق الامبراطورية ومدنها حتى قدموا جميعا تحية الوفاء والاخلاص!

 

ثم امر الملك ان يحضر الطعام ولتبداء الضيافة فجائت الاطباق وجلس الوجهاء في مجالسهم وقام الخدم و الحشم بالطواف على المدعووين فكلما فرغت المناسف جائوا بأخرى حتى شبع القوم ومن ثم امر الملك بأحضار الغواني والعازفين حتى اتوا وبدئوا بالرقص والعزف وبدأت السهرة في السوس عاصمة الامبراطورية على اوتار النغم مصطحبة معها الكثير من الفن والجمال حتى دهشت من كثرة ما رأيت من زخرف واواني ومتاع جميل واسرة في غاية الروعة ومجالس فاخرة للمدعوين!

 

كنت احوم بأفكاري حول المجلس واراقب حركات الجالسين كانت الاصوات مرتفعة احيانا وكان الجالسين يتحادثون و يضحكون  وكان الملك جالسا على كرسي ذهبي وعلى رأسه تاجا ذهبيا مرصع بالاحجار الكريمة في وسطه ياقوتة حمراء ساطعة اللون فيأتي اليه الشعراء والوجوه لكي يلقوا عليه التحية فردا فردا وهو يستقبلهم بأبتسامة ويحني رأسه لهم حين ينحنون امامه بنهاية الاحترام كانت الملكة ” نابيراسو ”  جالسة على يمينه علي سرير من الحرير الابيض ناصع اللون ولابسة رداء اخضر مجوهر طويل ينسدل على رجليها حتى يغطي كامل قامتها تتدلى عليه جدائلها السوداء المضفورة بسيابة وكان ابناها الفتيان وبنتها الحسناء جالسين في جوارها في غاية الادب وياللعجب اني لم ارى اي حرسا في القاعة الملكية فدنوت من احد الخدم وسئلته مالي لا ارى الحرس في قاعة الاحتفال فقال لي هي من تقاليدنا ان لا يدخل للقاعة الا من كان مدعوَا من قبل البلاط ولذلك الكل هنا محل ثقة على هذا الاساس يبقى الحرس خارج القصر وهم مستعدون لأي امر طارئ!

 

نظرت على وجوه العيلاميين فوجدت الملامح السامية ظاهرة عليهم، تلك الانوف الطويلة و ذالك الشعر الداكن والاسمرار في البشرة والعيون السوداء ومن ثم النبرة العالية في الصوت التي تدل على الصلابة والصدق واخيرا التفاخر والتباهي بالشعر والكلام والصلة والاحسان! فكان كل اديب يأتي لكي يلقي تحية على الملك و يثني على مجده يقذف عليه الملك صرة او صرتين من الذهب وحلة من الحرير فكان القوم فرحين ومستانسين وكان الزهو والريعان سيد الموقف وكنت قد دهشت من كثرة الوفود والعطاء والثراء والجمال في حضرة سوسيناك الاول مؤسس الامبراطورية العيلامية واول مليكها وهكذا استمر السمر حتى الصباح!

 

طل الصباح العيلامي على السوس في مهد التأريخ بعد سهرة طويلة للنجباء وهم الان نيام ولكن الان بداء الناس العاديون بالنهوض فمنهم من يهم لكي يعمل في مزرعته ومنهم من يريد فتح دكانه والبعض ذاهب للعمل في البساتين والحدائق الكثيرة التي تطوق البلد وكانت الاسواق مزدهرة والصناعات اليدوية من الفخار وسعف النخيل وكذلك بعض النسيج والملبوسات متوفرة في كل انحاء السوق ومن ثم بعض ورشات الحدادة وصناعة السيوف والرماح وباقي ادوات الحرب وكثير من الناس الذين يذهبون في اتجاه واحد فسايرت المارة حتى رأيت صرحا كبيرا بشبه الزيغورات فدنوت منه لكي اعلم ما هو حتى رأيت  الناس يصعدون اليه وهناك يضعون القرابين والهدايا ومن ثم يرجعون فعلمت انه معبد كبير فصعدت حتى وصلت الى قمة الصرح واذا بي اقابل بزوغ الشمس وهي على ارتفاع قليل من الافق تشرق من خلف الجبال البعيدة عن المدينة في بهاء وجلال!

 

 نزلت اتجول في الضواحي فممرت على البساتين والمزارع حتى وقفت بمحاذاة نهر” شاوور” و كان نهرا هدارا صافيا كالمرأة لم تكن فيه اثار تدنيس! شربت منه شربة فوجدتها في غاية العذوبة وكأني اشرب ماء لم اتذوقه من قبل! نعم كان النهر هو نفسه الذي مررت عليه مراة عدة كلما اردت الذهاب الى السوس لغرض زيارة مرقد النبي دانيال عليه السلام او زيارة الاقارب هناك ولكن بحلاوة و طلاوة خاصة وكأنما كان انقى واطهر واصفى قبل ان يغبر عليه الاعاجم ويعبثوا في ارض عيلام الفساد لا بارك الله بهم اجمعين…

 

يتبع

15.11.2015

[email protected]

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى